أزمة أخلاق




لن ينسي أحد منا هذا الشخص "مسعود أبو السعد " والذي جسده فؤاد المهندس – الله يرحمه – في فيلم أرض النفاق ، والذي لم يكن مسعود علي الإطلاق ؛بمقابلته لهذا التاجرالبائس التعيس الذي أهداه بضاعته البالية والمسماة بالأخلاق .

الأخلاق لم تكن أبدا سلعة إلا في هذا العصر ، فالصدق والشجاعة والجرأة ، وغيرها من صفات أخلاقية لم تعد مهمة في هذا العصر ، وقد تجسد هذا الهم في شخصية مسعود الذي فور استخدامه لهذه الحبوب أصبح متعوسا وتدهور به الحال ،فما كان منه إلا أن يلجأ إلي الصفات الرذيلة لتقيه شرور من حوله .
ومجتمعنا اليوم بعد ان انكشف عنه الحجاب السياسي في يناير الثورة ، لم يعد يري في نفسه حرج من إظهار مشاعره وأخلاقه الحقيقية ، فالشعب الذي نجح – زعما - في اسقاط نظام متغلغل منذ عهود ، هو ذاته الذي استطاع ان يكشف عورته الاخلاقية امام العالم أجمع ، ويفجر ماسمي بظاهرة التحرش "الثورية " والتي نبعت من التجمعات والتي تم تضخيمها إلي حد أن أصبحت هوسا ،وبالنظر إلي هذه الظاهرة من ذي قبل نعي أنها كانت نتاج تصرفات فردية ، وبدأت في الانتشار بعد ظهور الألفاظ النابية علي مواقع التواصل الاجتماعي وعلي شاشات التلفاز وفي الهتافات في الميادين ، الامر الذي جعل منها ممارسات جماعية لا فردية ، ولم يتوقف الانفلات الأخلاقي عند التحرش اللفظي أو الحسي بل وصل إلي التحرش الجسدي ، ومع تلميع هذه الظاهرة إعلاميا لم تخلو بعض الإحصائيات من ذكر أن 92% من البنات والسيدات في الشوارع يتعرضن للتحرش ،وغيرها الكثير من الاحصائيات التي تجعلك علي يقين من وجودك في مجتمع سادي .
ظاهرة التحرش هي ظاهرة سيأتي يوم ويخمد نجمها اللامع علي صفحات الجرائد والمجلات وشاشات التلفاز ، أما شاشات السينما لازالت هي المصدر الأول لكل شىء بحجة إظهار عيوب المجتمع والسينما الواقعية ، وما تشهده قاعات السينما من اسفاف وجحود وعري وغيرها من المظاهر التي تستطيع جذب جيل كامل من المراهقين يعيش في مجتمع يدعي الحياء ، تجعل الدولة وبعد ما يقرب من العشر سنوات علي الاكثر عرضة لأكثر الأمور سوءا فهي لن تكون دولة بقدر ما ستكون غابة ، فالجميع سينظر للأنثي كقطعة لحم لابد ان تأكل ، وستضيع ما اصطلحوا عليه " بالنحوة المصرية " او الكرامة الإنسانية .
ثقافة الــ 18+ ماهي إلا وهم تصدر لنا من الغرب ،الذي يعي تماما كيفية استخدامه ، فهو يستخدمه في السينما لا في التلفاز ، - جملة الريموت ف ايدك لو مش عاجبك اقلب ، ماهي إلا طريقة للترويج والسماح بالاسفاف ...والعري - وكذلك فرق الثقافة بين الغرب والشرق ، فالجنس والإدمان وغيره من الأشياء لا يمثل هوسا لديهم لان هناك كل شىء متاح وانت حر الإختيار ، لكن من يطبقون هذه الثقافة لدينا يدركون تماما أنهم يتاجرون بشىء آخر وهو ان الممنوع مرغوب .
لذا لم يكن شك أن مجتمعنا هذا بدأ في التعايش مع مرض الشيزوفرينيا الأخلاقية ، فلن تبحث كثيرا لتجد شخص متفق مع حرية المرأة وتحررها ، لكن بشرط ألا يصل هذا التحرر إلي أهل بيته ، شيزوفرينيا المجتمع هذه ستقودونا إلي ما لا يحمد عقباه ، ولا نسا أن تنظروا في طائرات أشقائنا العرب وهم قادمون من بلدانهم قبل ركوب الطائرة إلي مصر وبعد نزولهم منها علي أرض هذا الوطن ...
سيد بشير

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اللـــعبــة

الحلقة الأولي